الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: البرهان في علوم القرآن (نسخة منقحة)
.فَائِدَةٌ: .فَائِدَةٌ: .النوع السَّادِسَ عَشَرَ: مَعْرِفَةُ مَا وَقَعَ فِيهِ مِنْ غَيْرِ لُغَةِ أَهْلِ الْحِجَازِ مِنْ قَبَائِلِ الْعَرَبِ: وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ فِي كِتَابِ فَضَائِلِ الْقُرْآنِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا نَزَلَ بِلُغَةِ الْكَعْبَيْنِ كَعْبِ قُرَيْشٍ وَكَعْبِ خُزَاعَةَ قِيلَ وَكَيْفَ ذَاكَ قَالَ لِأَنَّ الدَّارَ وَاحِدَةٌ. قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ يَعْنِي أَنَّ خُزَاعَةَ جِيرَانُ قُرَيْشٍ فَأَخَذُوا بِلُغَتِهِمْ. وَأَمَّا الْكَلْبِيُّ فَإِنَّهُ رَوَى عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ نَزَلَ الْقُرْآنُ عَلَى سَبْعِ لُغَاتٍ مِنْهَا خَمْسٌ بِلُغَةِ الْعَجُزِ مِنْ هَوَازِنَ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ الْعَجُزُ هُمْ سَعْدُ بْنُ بَكْرٍ وجشم ابن بكر وَنَصْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ وَثَقِيفٌ وَهَذِهِ الْقَبَائِلُ هِيَ الَّتِي يُقَالُ لَهَا عُلْيَا هَوَازِنَ وَهُمُ الَّذِينَ قَالَ فِيهِمْ أَبُو عَمْرِو بْنُ الْعَلَاءِ أَفْصَحُ العرب عليا وهوازن وَسُفْلَى تَمِيمٍ فَهَذِهِ عُلْيَا هَوَازِنَ وَأَمَّا سُفْلَى تَمِيمٍ فَبَنُو دَارِمٍ. وَقَالَ أَبُو مَيْسَرَةَ بِكُلِّ لِسَانٍ وَقِيلَ إِنَّ فِيهِ مِنْ كُلِّ لُغَاتِ الْعَرَبِ وَلِهَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الرِّسَالَةِ لَا نَعْلَمُهُ يُحِيطُ بِاللُّغَةِ إِلَّا نَبِيٌّ. قَالَ الصَّيْرَفِيُّ يُرِيدُ مَنْ بُعِثَ بِلِسَانِ جَمَاعَةِ الْعَرَبِ حَتَّى يُخَاطِبَهَا بِهِ. قَالَ وَقَدْ فَضَّلَ الْفَرَّاءُ لُغَةَ قُرَيْشٍ عَلَى سَائِرِ اللُّغَاتِ وَزَعَمَ أَنَّهُمْ يَسْمَعُونَ كَلَامَ الْعَرَبِ فَيَخْتَارُونَ مِنْ كُلِّ لُغَةٍ أَحْسَنَهَا فَصَفَا كَلَامُهُمْ وَذَكَرَ قُبْحَ عَنْعَنَةِ تَمِيمٍ وَكَشْكَشَةِ رَبِيعَةَ وَعَجْرَفَةِ قَيْسٍ وَذَكَرَ أَنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّكَ تَأْتِينَا بِكَلَامٍ مِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ وَمَا نَعْرِفُهُ وَلَنَحْنُ الْعَرَبُ حَقًّا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ رَبِّي عَلَّمَنِي فَتَعَلَّمْتُ وَأَدَّبَنِي فَتَأَدَّبْتُ». قَالَ الصَّيْرَفِيُّ: وَلَسْتُ أَعْرِفُ إِسْنَادَ هَذَا الْحَدِيثِ وَإِنْ صَحَّ فَقَدْ دَلَّ عَلَى أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ عَرَفَ أَلْسِنَةَ الْعَرَبِ. وَقَالَ أَبُو عُمَرَ بْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِي التَّمْهِيدِ قَوْلُ: مَنْ قَالَ نَزَلَ بِلُغَةِ قُرَيْشٍ مَعْنَاهُ عندي في الأغلب لأن لغة غير قريش موجودة في جميع القرآن مِنْ تَحْقِيقِ الْهَمْزَةِ وَنَحْوِهَا وَقُرَيْشٌ لَا تَهْمِزُ وَقَدْ رَوَى الْأَعْمَشُ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ أُنْزِلَ الْقُرْآنُ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ صَارَ فِي عَجُزِ هَوَازِنَ مِنْهَا خَمْسَةٌ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ خَصَّ هَؤُلَاءِ دُونَ رَبِيعَةَ وَسَائِرِ الْعَرَبِ لِقُرْبِ جِوَارِهِمْ مِنْ مَوْلِدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَنْزِلِ الْوَحْيِ وَإِنَّمَا رَبِيعَةُ وَمُضَرُ أَخَوَانِ قَالَ وَأَحَبُّ الْأَلْفَاظِ واللغات إلينا أن نقرأ بِهَا لُغَاتُ قُرَيْشٍ ثُمَّ أَدْنَاهُمْ مِنْ بُطُونِ مُضَرَ. وَقَالَ: الشَّيْخُ جَمَالُ الدِّينِ بْنُ مَالِكٍ أَنْزَلَ اللَّهُ الْقُرْآنَ بِلُغَةِ الْحِجَازِيِّينَ إِلَّا قَلِيلًا فَإِنَّهُ نَزَلَ بِلُغَةِ التَّمِيمِيِّينَ فَمِنَ الْقَلِيلِ إِدْغَامُ: {ومن يشاق الله} فِي الْحَشْرِ، {وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ} فِي قِرَاءَةِ غَيْرِ نَافِعٍ وَابْنِ عَامِرٍ فَإِنَّ الإدغام في المجزوم والاسم المضاعف لغة تَمِيمٍ وَلِهَذَا قَلَّ وَالْفَكُّ لُغَةُ أَهْلِ الْحِجَازِ وَلِهَذَا كَثُرَ نَحْوُ: {وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دينه} {وليملل وليه} و: {يحببكم الله} {ويمددكم} {ومن يشاقق} في النساء والأنفال {من يحادد الله} {فليمدد} {واحلل عقدة} و: {اشدد به أزري} {ومن يحلل عليه غضبي}. قَالَ: وَأَجْمَعَ الْقُرَّاءُ عَلَى نَصْبِ {إِلَّا اتِّبَاعَ الظن} لِأَنَّ لُغَةَ الْحِجَازِيِّينَ الْتِزَامُ النَّصْبِ فِي الْمُنْقَطِعِ وَإِنْ كَانَ بَنُو تَمِيمٍ يَتَّبِعُونَ كَمَا أَجْمَعُوا عَلَى نَصْبِ {مَا هذا بشرا} لِأَنَّ الْقُرْآنَ نَزَلَ بِلُغَةِ الْحِجَازِيِّينَ. وَزَعَمَ الزَّمَخْشَرِيُّ أَنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى: {قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الغيب إلا الله} أنه استثناء منقطع جاء على لغة تَمِيمٍ ثُمَّ نَازَعَهُ فِي ذَلِكَ. .النوع السَّابِعَ عَشَرَ: مَعْرِفَةُ مَا فِيهِ مِنْ غَيْرِ لُغَةِ الْعَرَبِ: وَقَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الرِّسَالَةِ فِي بَابِ الْبَيَانِ الْخَامِسِ مَا نَصُّهُ وَقَدْ تَكَلَّمَ فِي الْعِلْمِ مَنْ لَوْ أَمْسَكَ عَنْ بَعْضِ مَا تَكَلَّمَ فِيهِ لَكَانَ الْإِمْسَاكُ أولى به وأقرب من السلامة له فَقَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ إِنَّ فِي الْقُرْآنِ عَرَبِيًّا وَأَعْجَمِيًّا وَالْقُرْآنُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ فِي كتاب الله شيء إلا بلسان العرب ووجد قَائِلَ هَذَا الْقَوْلِ مَنْ قَبِلَ ذَلِكَ مِنْهُ تَقْلِيدًا لَهُ وَتَرْكًا لِلْمَسْأَلَةِ لَهُ عَنْ حُجَّتِهِ وَمَسْأَلَةِ غَيْرِهِ مِمَّنْ خَالَفَهُ وَبِالتَّقْلِيدِ أَغْفَلَ مَنْ أَغْفَلَ مِنْهُمْ وَاللَّهُ يَغْفِرُ لَنَا وَلَهُمْ هَذَا كَلَامُهُ. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ فِيمَا حَكَاهُ ابْنُ فَارِسٍ إِنَّمَا أُنْزِلَ الْقُرْآنُ بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ فَمَنْ زَعَمَ أَنَّ فِيهِ غَيْرَ الْعَرَبِيَّةِ فَقَدْ أَعْظَمَ الْقَوْلَ وَمَنْ زَعَمَ أَنَّ كَذَا بِالنَّبَطِيَّةِ فَقَدْ أَكْبَرَ الْقَوْلَ. قَالَ: وَمَعْنَاهُ أَتَى بِأَمْرٍ عَظِيمٍ وَذَلِكَ أَنَّ الْقُرْآنَ لَوْ كَانَ فِيهِ مِنْ غَيْرِ لُغَةِ الْعَرَبِ شَيْءٌ لَتَوَهَّمَ مُتَوَهِّمٌ أَنَّ الْعَرَبَ إِنَّمَا عَجَزَتْ عَنِ الْإِتْيَانِ بِمِثْلِهِ لِأَنَّهُ أَتَى بِلُغَاتٍ لَا يَعْرِفُونَهَا وَفِي ذَلِكَ مَا فِيهِ وَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ فَلَا وَجْهَ لِقَوْلِ مَنْ يُجِيزُ الْقِرَاءَةَ فِي الصَّلَاةِ بِالْفَارِسِيَّةِ لِأَنَّهَا تَرْجَمَةٌ غَيْرُ مُعْجِزَةٍ وَإِذَا جَازَ ذَلِكَ لَجَازَتِ الصَّلَاةُ بِكُتُبِ التَّفْسِيرِ وَهَذَا لَا يَقُولُ بِهِ أَحَدٌ انْتَهَى. وَمِمَّنْ نُقِلَ عَنْهُ جَوَازُ الْقِرَاءَةِ بِالْفَارِسِيَّةِ أَبُو حَنِيفَةَ لَكِنْ صَحَّ رُجُوعُهُ عَنْ ذَلِكَ وَمَذْهَبُ ابْنِ عَبَّاسٍ وَعِكْرِمَةَ وَغَيْرِهِمَا أَنَّهُ وَقَعَ فِي الْقُرْآنِ مَا لَيْسَ مِنْ لُغَتِهِمْ فَمِنْ ذَلِكَ الطُّورُ جبل بالسريانية وطفقا أي قصدا بالرومية والقسط والقسطاس العدل بالرومية: {إنا هدنا إليك} تبنا بالعبرانية والسجل الكتاب بالفارسية والرقيم اللوح بالرومية والمهل عكر الزيت بلسان أهل المغرب والسندس الرقيق من الستر بالهندية والإستبرق الغليظ بالفارسية بحذف القاف السري النهر الصغير باليونانية طه أَيْ طَأْ يَا رَجُلُ بِالْعِبْرَانِيَّةِ يُصْهَرُ أي ينضج بلسان أهل المغرب سينين الحسن بالنبطية المشكاة الكوة بالحبشية وقيل الزجاجة تسرج الدري المضيء بالحبشية الأليم المؤلم بالعبرانية: {ناظرين إناه} أَيْ نُضْجَهُ بِلِسَانِ أَهْلِ الْمَغْرِبِ: {الْمِلَّةِ الْآخِرَةِ} أَيْ الْأُولَى بِالْقِبْطِيَّةِ وَالْقِبْطُ يُسَمُّونَ الْآخِرَةَ الْأُولَى والأولى الآخرة: {وراءهم ملك} أي أمامهم بالقبطية اليم البحر بالقبطية بطائنها ظواهرها بالقبطية الأب الْحَشِيشُ بِلُغَةِ أَهْلِ الْمَغْرِبِ: {إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ} قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ نَشَأَ بِلُغَةِ الْحَبَشَةِ قَامَ من الليل: {كفلين من رحمته} قَالَ أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ضعفين بلغة الحبشة القسورة الْأَسَدُ بِلُغَةِ الْحَبَشَةِ. وَاخْتَارَ الزَّمَخْشَرِيُّ أَنَّ التَّوْرَاةَ والإنجيل أَعْجَمِيَّانِ وَرَجَّحَ ذَلِكَ بِقِرَاءَةِ الْأَنْجِيلِ بِالْفَتْحِ ثُمَّ اخْتَلَفُوا فَقَالَ الطَّبَرِيُّ هَذِهِ الْأَمْثِلَةُ الْمَنْسُوبَةُ إِلَى سَائِرِ اللُّغَاتِ إِنَّمَا اتَّفَقَ فِيهَا أَنْ تَتَوَارَدَ اللُّغَاتُ فَتَكَلَّمَتْ بِهَا الْعَرَبُ وَالْفُرْسُ وَالْحَبَشَةُ بِلَفْظٍ وَاحِدٍ وَحَكَاهُ ابْنُ فَارِسٍ عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ. وَقَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ بَلْ كَانَ لِلْعَرَبِ الْعَارِبَةِ الَّتِي نَزَلَ الْقُرْآنُ بِلُغَتِهِمْ بَعْضُ مُخَالَطَةٍ لِسَائِرِ الألسن بتجارات وبرحلتي قريش وبسفر مسافرين كسفر أَبِي عَمْرٍو إِلَى الشَّامِ وَسَفَرِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَكَسَفَرِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ وَعُمَارَةَ بْنِ الْوَلِيدِ إِلَى أَرْضِ الْحَبَشَةِ وَكَسَفَرِ الْأَعْشَى إِلَى الحيرة وصحبته لنصاراها مَعَ كَوْنِهِ حُجَّةً فِي اللُّغَةِ فَعَلَّقَتِ الْعَرَبُ بِهَذَا كُلِّهِ أَلْفَاظًا أَعْجَمِيَّةً غَيَّرَتْ بَعْضَهَا بِالنَّقْصِ مِنْ حُرُوفِهَا وَجَرَتْ فِي تَخْفِيفِ ثِقَلِ الْعُجْمَةِ وَاسْتَعْمَلَتْهَا فِي أَشْعَارِهَا وَمُحَاوَرَاتِهَا حَتَّى جَرَتْ مَجْرَى الْعَرَبِيِّ الْفَصِيحِ وَوَقَعَ بِهَا الْبَيَانُ وَعَلَى هَذَا الْحَدِّ نَزَلَ بِهَا الْقُرْآنُ فَإِنْ جَهِلَهَا عَرَبِيٌّ فَكَجَهْلِهِ الصَّرِيحِ بِمَا فِي لُغَةِ غَيْرِهِ وَكَمَا لَمْ يَعْرِفِ ابْنُ عَبَّاسٍ مَعْنَى فَاطِرٍ إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ قَالَ فَحَقِيقَةُ الْعِبَارَةِ عَنْ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ أَنَّهَا فِي الْأَصْلِ أَعْجَمِيَّةٌ لَكِنِ اسْتَعْمَلَتْهَا الْعَرَبُ وَعَرَّبَتْهَا فَهِيَ عَرَبِيَّةٌ بِهَذَا الْوَجْهِ. قَالَ وَمَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الطَّبَرِيُّ مِنْ أَنَّ اللُّغَتَيْنِ اتَّفَقَتَا فِي لَفْظِهِ فَذَلِكَ بَعِيدٌ بَلْ إِحْدَاهُمَا أَصْلٌ وَالْأُخْرَى فَرْعٌ فِي الْأَكْثَرِ لِأَنَّا لَا نَدْفَعُ أَيْضًا جَوَازَ الِاتِّفَاقَاتِ إِلَّا قَلِيلًا شَاذًّا. وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو الْمَعَالِي عَزِيزِيُّ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ إِنَّمَا وُجِدَتْ هَذِهِ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ لِأَنَّهَا أَوْسَعُ اللُّغَاتِ وَأَكْثَرُهَا أَلْفَاظًا وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْعَرَبُ قَدْ سَبَقَهَا غَيْرُهُمْ إِلَى هَذِهِ الْأَلْفَاظِ وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَبْعُوثٌ إِلَى كَافَّةِ الْخَلْقِ قَالَ تَعَالَى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بلسان قومه} وَحَكَى ابْنُ فَارِسٍ عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ الْقَاسِمِ بْنِ سَلَّامٍ أَنَّهُ حَكَى الْخِلَافَ فِي ذَلِكَ وَنَسَبَ الْقَوْلَ بِوُقُوعِهِ إِلَى الْفُقَهَاءِ وَالْمَنْعَ إِلَى أَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ ثُمَّ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ وَالصَّوَابُ عِنْدِي مَذْهَبٌ فِيهِ تَصْدِيقُ الْقَوْلَيْنِ جَمِيعًا وَذَلِكَ أَنَّ هَذِهِ الْأَحْرُفَ أُصُولُهَا أَعْجَمِيَّةٌ كَمَا قَالَ الْفُقَهَاءُ إِلَّا أَنَّهَا سَقَطَتْ إِلَى الْعَرَبِ فَعَرَّبَتْهَا بِأَلْسِنَتِهَا وَحَوَّلَتْهَا عَنْ أَلْفَاظِ الْعَجَمِ إِلَى أَلْفَاظِهَا فَصَارَتْ عَرَبِيَّةً ثُمَّ نَزَلَ الْقُرْآنُ وَقَدِ اخْتَلَطَتْ هَذِهِ الْحُرُوفُ بِكَلَامِ الْعَرَبِ فَمَنْ قَالَ إِنَّهَا عَرَبِيَّةٌ فَهُوَ صَادِقٌ وَمَنْ قَالَ أَعْجَمِيَّةٌ فَصَادِقٌ قال وإنما فسر هَذَا لِئَلَّا يُقْدِمَ أَحَدٌ عَلَى الْفُقَهَاءِ فَيَنْسِبَهُمْ إِلَى الْجَهْلِ وَيَتَوَهَّمَ عَلَيْهِمْ أَنَّهُمْ أَقْدَمُوا عَلَى كتاب الله بغير ما أراده الله جل وعز فَهُمْ كَانُوا أَعْلَمَ بِالتَّأْوِيلِ وَأَشَدَّ تَعْظِيمًا لِلْقُرْآنِ. قَالَ ابْنُ فَارِسٍ وَلَيْسَ كُلُّ مَنْ خَالَفَ قَائِلًا فِي مَقَالَتِهِ يَنْسُبُهُ إِلَى الْجَهْلِ فَقَدِ اختلف الصدر الأول في تأويل آي من الْقُرْآنِ. قَالَ فَالْقَوْلُ إِذَنْ مَا قَالَهُ أَبُو عُبَيْدٍ وَإِنْ كَانَ قَوْمٌ مِنَ الْأَوَائِلِ قَدْ ذَهَبُوا إِلَى غَيْرِهِ. .النَّوْعُ الثَّامِنَ عَشَرَ: مَعْرِفَةُ غَرِيبِهِ: وَيَحْتَاجُ الْكَاشِفُ عَنْ ذَلِكَ إِلَى مَعْرِفَةِ عِلْمِ اللُّغَةِ اسْمًا وَفِعْلًا وَحَرْفًا فَالْحُرُوفُ لِقِلَّتِهَا تَكَلَّمَ النُّحَاةُ عَلَى مَعَانِيهَا فَيُؤْخَذُ ذَلِكَ مِنْ كُتُبِهِمْ. وَأَمَّا الْأَسْمَاءُ وَالْأَفْعَالُ فَيُؤْخَذُ ذَلِكَ مِنْ كُتُبِ اللُّغَةِ وَأَكْثَرُ الْمَوْضُوعَاتِ فِي عِلْمِ اللُّغَةِ كِتَابُ ابْنِ سَيِّدٍ فَإِنَّ الْحَافِظَ أَبَا مُحَمَّدٍ عَلِيَّ بْنَ أَحْمَدَ الْفَارِسِيَّ ذَكَرَ أَنَّهُ فِي مِائَةِ سِفْرٍ بَدَأَ بِالْفَلَكِ وَخَتَمَ بِالذَّرَّةِ وَمِنَ الْكُتُبِ الْمُطَوَّلَةِ كِتَابُ الأزهري والموعب لابن التياني والمحكم لابن سيده وكتاب الجامع للقزاز والصحاح للجوهري والبارع لأبي علي القالي ومجمع الْبَحْرَيْنِ لِلصَّاغَانِيِّ. وَمِنَ الْمَوْضُوعَاتِ فِي الْأَفْعَالِ كِتَابُ ابْنِ الْقُوطِيَّةِ وَكِتَابُ ابْنِ طَرِيفٍ وَكِتَابُ السَّرَقُسْطِيِّ الْمَنْبُوزِ بِالْحِمَارِ وَمِنْ أَجْمَعِهَا كِتَابُ ابْنِ الْقَطَّاعِ. وَمَعْرِفَةُ هَذَا الْفَنِّ لِلْمُفَسِّرِ ضَرُورِيٌّ وَإِلَّا فَلَا يَحِلُّ لَهُ الْإِقْدَامُ عَلَى كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى قَالَ يَحْيَى بْنُ نَضْلَةَ الْمَدِينِيُّ سَمِعْتُ مَالِكَ بْنَ أَنَسٍ يَقُولُ لَا أُوتَى بِرَجُلٍ يُفَسِّرُ كِتَابَ اللَّهِ غَيْرِ عَالِمٍ بِلُغَةِ الْعَرَبِ إِلَّا جَعَلْتُهُ نَكَالًا. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: لَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ يَتَكَلَّمَ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِذَا لَمْ يَكُنْ عَالِمًا بِلُغَاتِ الْعَرَبِ. وَرَوَى عِكْرِمَةُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ إِذَا سَأَلْتُمُونِي عَنْ غَرِيبِ اللُّغَةِ فَالْتَمِسُوهُ فِي الشِّعْرِ فَإِنَّ الشِّعْرَ دِيوَانُ الْعَرَبِ. وَعَنْهُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَاللَّيْلِ وَمَا وَسَقَ} قَالَ مَا جَمَعَ وَأَنْشَدَ: وَقَالَ مَا كُنْتُ أَدْرِي مَا قَوْلُهُ تَعَالَى: {رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قومنا بالحق وأنت خير الفاتحين}. حَتَّى سَمِعْتُ ابْنَةَ ذِي يَزَنَ الْحَمْيَرِيَّ وَهِيَ تَقُولُ أُفَاتِحُكَ يَعْنِي أُقَاضِيكَ وَفِي سُورَةِ السَّجْدَةِ: {متى هذا الفتح إن كنتم صادقين} يَعْنِي مَتَى هَذَا الْقَضَاءُ وَقَوْلُهُ: {وَهُوَ الْفَتَّاحُ العليم} وقوله: {إنا فتحنا لك فتحا مُبِينًا}. وَقَالَ أَيْضًا مَا كُنْتُ أَدْرِي مَا فاطر السموات والأرض حتى أتاني أعربيان يَخْتَصِمَانِ فِي بِئْرٍ فَقَالَ أَحَدُهُمَا أَنَا فَطَرْتُهَا يَعْنِي ابْتَدَأْتُهَا. وَجَاءَهُ رَجُلٌ مِنْ هُذَيْلٍ فَقَالَ لَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ: مَا فَعَلَ فُلَانٌ؟ قَالَ: مَاتَ وَتَرَكَ أَرْبَعَةً مِنَ الْوَلَدِ وَثَلَاثَةً مِنَ الْوَرَاءِ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِنْ وراء إسحاق يعقوب} قَالَ وَلَدُ الْوَلَدِ. وَمَسَائِلُ نَافِعٍ لَهُ عَنْ مَوَاضِعَ مِنَ الْقُرْآنِ وَاسْتِشْهَادُ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي كل جواب بيت ذكرها الْأَنْبَارِيِّ فِي كِتَابِ الْوَقْفِ وَالِابْتِدَاءِ بِإِسْنَادِهِ وَقَالَ فِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى بُطْلَانِ قَوْلِ مَنْ أَنْكَرَ عَلَى النَّحْوِيِّينَ احْتِجَاجَهُمْ عَلَى الْقُرْآنِ بِالشِّعْرِ وَأَنَّهُمْ جَعَلُوا الشِّعْرَ أَصْلًا لِلْقُرْآنِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَإِنَّمَا أَرَادَ النَّحْوِيُّونَ أَنْ يُثْبِتُوا الْحَرْفَ الْغَرِيبَ مِنَ الْقُرْآنِ بِالشِّعْرِ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ: {إِنَّا أنزلناه قرآنا عربيا} وقال تعالى: {بلسان عربي مبين}. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ الشِّعْرُ دِيوَانُ الْعَرَبِ فَإِذَا خَفِيَ عَلَيْهِمُ الْحَرْفُ مِنَ الْقُرْآنِ الَّذِي أَنْزَلَهُ اللَّهُ بِلُغَتِهِمْ رَجَعُوا إِلَى دِيوَانِهِمْ فَالْتَمَسُوا مَعْرِفَةَ ذَلِكَ ثُمَّ إِنْ كَانَ مَا تَضَمَّنَهُ أَلْفَاظُهَا يُوجِبُ الْعَمَلَ دُونَ الْعِلْمِ كَفَى فِيهِ الِاسْتِشْهَادُ بِالْبَيْتِ وَالْبَيْتَيْنِ وَإِنْ كَانَ مَا يُوجِبُ الْعِلْمَ لَمْ يَكْفِ ذَلِكَ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ أن يستفيض ذلك اللفظ وتكثر شواهده من الشِّعْرِ. وَيَنْبَغِي الْعِنَايَةُ بِتَدَبُّرِ الْأَلْفَاظِ كَيْ لَا يَقَعَ الْخَطَأُ كَمَا وَقَعَ لِجَمَاعَةٍ مِنَ الْكِبَارِ فَرَوَى الْخَطَّابِيُّ عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ مَعْنَى قَوْلِهِ: {الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ ساهون} فَقَالَ هُوَ الَّذِي يَنْصَرِفُ عَنْ صِلَاتِهِ وَلَا يَدْرِي عَنْ شَفْعٍ أَوْ وَتْرٍ قَالَ الْحَسَنُ مَهْ يَا أَبَا الْعَالِيَةِ لَيْسَ هَكَذَا بَلِ الَّذِينَ سَهَوْا عَنْ مِيقَاتِهِمْ حَتَّى تَفُوتَهُمْ أَلَا تَرَى قَوْلَهُ: {عَنْ صَلَاتِهِمْ} فَلَمَّا لَمْ يَتَدَبَّرْ أبو العالية حرف في وعن تَنَبَّهَ لَهُ الْحَسَنُ إِذْ لَوْ كَانَ الْمُرَادُ مَا فَهِمَ أَبُو الْعَالِيَةِ لَقَالَ فِي صَلَاتِهِمْ فَلَمَّا قَالَ عَنْ صَلَاتِهِمْ دَلَّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الذَّهَابُ عَنِ الْوَقْتِ وَلِذَلِكَ قَالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَنْ يَعْشُ عن ذكر الرحمن} أَنَّهُ مِنْ عَشَوْتُ أَعْشُو عَشْوًا إِذَا نَظَرْتُ وَغَلَّطُوهُ فِي ذَلِكَ وَإِنَّمَا مَعْنَاهُ يُعْرِضْ وَإِنَّمَا غَلِطَ لِأَنَّهُ لَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ عَشَوْتُ إِلَى الشَّيْءِ وَعَشَوْتُ عَنْهُ. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَأَصْبَحَ فؤاد أم موسى فارغا} قَالَ فَارِغًا مِنَ الْحُزْنِ لِعِلْمِهَا أَنَّهُ لَمْ يَغْرَقْ وَمِنْهُ دَمٌ فَرَاغٌ أَيْ لَا قَوَدَ فِيهِ وَلَا دِيَةَ. وَقَالَ بَعْضُ الْأُدَبَاءِ أَخْطَأَ أَبُو عُبَيْدَةَ فِي الْمَعْنَى لَوْ كَانَ قَلْبُهَا فارغا من الحزن عليه لما قال: {لولا أن ربطنا على قلبها} لِأَنَّهَا كَادَتْ تُبْدِي بِهِ. وَهَذَا الْبَابُ عَظِيمُ الْخَطَرِ وَمِنْ هُنَا تَهَيَّبَ كَثِيرٌ مِنَ السَّلَفِ تَفْسِيرَ الْقُرْآنِ وَتَرَكُوا الْقَوْلَ فِيهِ حَذَرًا أَنْ يَزِلُّوا فَيَذْهَبُوا عَنِ الْمُرَادِ وَإِنْ كَانُوا عُلَمَاءَ بِاللِّسَانِ فُقَهَاءَ فِي الدِّينِ وَكَانَ الْأَصْمَعِيُّ وَهُوَ إِمَامُ اللُّغَةِ لَا يُفَسِّرُ شَيْئًا مِنْ غَرِيبِ الْقُرْآنِ وَحُكِيَ عَنْهُ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ قَوْلِهِ تعالى: {شغفها حبا} فَسَكَتَ وَقَالَ هَذَا فِي الْقُرْآنِ ثُمَّ ذَكَرَ قَوْلًا لِبَعْضِ الْعَرَبِ فِي جَارِيَةٍ لِقَوْمٍ أَرَادُوا بَيْعَهَا أَتَبِيعُونَهَا وَهِيَ لَكُمْ شَغَافٌ وَلَمْ يَزِدْ عَلَى هَذَا وَلِهَذَا حَثَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى تَعَلُّمِ إِعْرَابِ الْقُرْآنِ وَطَلَبِ معاني العربية. وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَيْسَ لِغَيْرِ الْعَالِمِ بِحَقَائِقِ اللُّغَةِ وَمَوْضُوعَاتِهَا تَفْسِيرُ شَيْءٍ مِنْ كَلَامِ اللَّهِ وَلَا يَكْفِي فِي حَقِّهِ تَعَلُّمُ الْيَسِيرِ مِنْهَا فَقَدْ يَكُونُ اللَّفْظُ مُشْتَرَكًا وَهُوَ يَعْلَمُ أَحَدَ الْمَعْنَيَيْنِ وَالْمُرَادُ الْمَعْنَى الْآخَرُ وَهَذَا أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا مِنْ أَفْصَحِ قُرَيْشٍ سُئِلَ أبو بكر عن الأب فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ أَيُّ سَمَاءٍ تُظِلُّنِي وَأَيُّ أَرْضٍ تُقِلُّنِي إِذَا قُلْتُ فِي كَلَامِ اللَّهِ مَا لَا أَعْلَمُ وَقَرَأَ عُمَرُ سُورَةَ عَبَسَ فَلَمَّا بَلَغَ الْأَبَّ قَالَ الْفَاكِهَةُ قَدْ عَرَفْنَاهَا فما الأب ثم قال لعمرك يابن الْخَطَّابِ إِنَّ هَذَا لَهُوَ التَّكَلُّفُ وَرُوِيَ عَنْهُ أَيْضًا أَنَّهُ قَالَ: {آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عند ربنا} وَفِي رِوَايَةٍ قَالَ فَمَا الْأَبُّ ثُمَّ قَالَ مَا كُلِّفْنَا أَوْ مَا أُمِرْنَا بِهَذَا. وَمَا ذَاكَ بِجَهْلٍ مِنْهُمَا لِمَعْنَى الْأَبِّ وَإِنَّمَا يُحْتَمَلُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّ الْأَبَّ مِنَ الْأَلْفَاظِ الْمُشْتَرَكَةِ فِي لُغَتِهِمَا أَوْ فِي لُغَاتٍ فَخَشِيَا إِنْ فَسَّرَاهُ بِمَعْنًى مِنْ مَعَانِيهِ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ غَيْرَهُ وَلِهَذَا اخْتَلَفَ الْمُفَسِّرُونَ فِي مَعْنَى الْأَبِّ عَلَى سَبْعَةِ أَقْوَالٍ فَقِيلَ مَا تَرْعَاهُ الْبَهَائِمُ وَأَمَّا مَا يَأْكُلُهُ الْآدَمِيُّ فَالْحَصِيدُ وَالثَّانِي التِّبْنُ خَاصَّةً وَالثَّالِثُ كُلُّ مَا نَبَتَ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ وَالرَّابِعُ مَا سِوَى الْفَاكِهَةِ وَالْخَامِسُ الثِّمَارُ الرَّطْبَةُ وَفِيهِ بَعْدٌ لِأَنَّ الْفَاكِهَةَ تَدْخُلُ فِي الثِّمَارِ الرَّطْبَةِ وَلَا يُقَالُ أُفْرِدَتْ لِلتَّفْصِيلِ إِذْ لَوْ أُرِيدُ ذَلِكَ لتأخر ذكرها نحو {فاكهة ونخل ورمان}. وَالسَّادِسُ أَنَّ رَطْبَ الثِّمَارِ هُوَ الْفَاكِهَةُ وَيَابِسَهَا هُوَ الْأَبُّ وَالسَّابِعُ أَنَّهُ لِلْأَنْعَامِ كَالْفَاكِهَةِ لِلنَّاسِ. وَيَحْتَمِلُ قَوْلُ عُمَرَ غَيْرَ مَا سَبَقَ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنْ يَكُونَ خَفِيَ عَلَيْهِ مَعْنَاهُ وَإِنْ شُهِرَ كَمَا خَفِيَ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ مَعْنَى فاطر السموات والثاني تَخْوِيفَ غَيْرِهِ مِنَ التَّعَرُّضِ لِلتَّفْسِيرِ بِمَا لَا يَعْلَمُ كَمَا كَانَ يَقُولُ أَقِلُّوا الرِّوَايَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا شَرِيكُكُمْ يُرِيدُ الِاحْتِرَازَ فَإِنَّ مَنِ احْتَرَزَ قَلَّتْ روايته.
|